1 1 منهاج السنة النبوية ج لابن تيمية
1 3 بسم الله الرحمن وبه نستعين قال الشيخ الإمام العالم الحبر الكامل الأوحد العلامة الحافظ الخاشع القانت إمام الأئمة ورباني الأمة شيخ الإسلام بقية الأعلام تقي الدين خاتمة المجتهدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني قدس الله روحه ونور ضريحه الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وأشهد
1 4 أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد هو سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم سورة آل عمران وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي ختم به أنبياءه وهدى به أولياءه ونعته بقوله في القرآن الكريم لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سورة التوبة صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وأفضل تسليم أما بعد فإنه قد أحضر إلى طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض شيوخ الرافضة في عصرنا منفقا لهذه البضاعة يدعو به إلى مذهب الرافضة الإمامية من أمكنه دعوته من ولاة الأمور وغيرهم أهل الجاهلية ممن قلت معرفتهم بالعلم والدين ولم
1 5 يعرفوا أصل دين المسلمين وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنية الملحدين الذين هم في الباطن من الصابئة الفلاسفة الخارجين عن حقيقة
1 6 متابعة المرسلين الذين لا يوجبون اتباع دين الإسلام ولا يحرمون اتباع ما سواه من الأديان بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب والسياسات التي يسوغ اتباعها وأن النبوة نوع من السياسة العادلة التي وضعت لمصلحة العامة في الدنيا فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال ويكشف ما في خلافها من الافك والشرك والمحال وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا بل هم يؤمنون ببعض أحوالها ويكفرون ببعض الأحوال وهم متفاوتون فيما يؤمنون به ويكفرون به من تلك الخلال فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل الجهالات
1 7 والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله وآيات كتابه المبين كما قرر ذلك رؤوس المحلدة من القرامطة الباطنية وغيرهم من المنافقين وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم عند من مال إليهم من الملوك وغيرهم وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه فيه خدابنده وطلبوا مني بيان ما في هذا
1 8 الكتاب من الضلال وباطل الخطاب لما في في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين وبيان بطلان أقوال المفترين الملحدين فأخبرتهم أن هذا الكتاب وإن كان من أعلى ما يقولونه في باب الحجة والدليل فالقوم من أضل الناس عن سواء السبيل فإن الأدلة إما نقلية وإما عقلية والقوم من أضل الناس في المنقول والمعقول في المذاهب والتقرير وهم من أشبه الناس بمن قال الله فيهم وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير سورة الملك والقوم من أكذب الناس في النقليات ومن أجهل الناس في العقليات يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالاضطرار أنه من الأباطيل ويكذبون بالمعلوم من الأضطرار المتواتر أعظم تواتر في الأمة جيلا بعد جيل ولا يميزون في نقلة العلم ورواة الأحاديث والأخبار بين المعروف بالكذب أو الغلط أو الجهل بما ينقل وبين العدل الحافظ الضابط المعروف بالعلم بالآثار